المؤثرون بين قوة التأثير وضعف المضمون

عمر الرزيني-تطوان

لم يعد خافياً أن السوشيال ميديا قلبت موازين الإعلام والتسويق رأساً على عقب. الجمهور الذي كان بالأمس يتابع نشرات الأخبار والبرامج التلفزيونية، أصبح اليوم يكتفي بمشاهدة “ستوري” لا يتجاوز بضع ثوانٍ يقدمه مؤثر على إنستغرام أو تيك توك. هذه حقيقة لا يمكن إنكارها، لكنها في الوقت نفسه تطرح أكثر من علامة استفهام. فمن المسؤول عن التراجع؟

لا يمكننا أن نلوم الجمهور وحده. الإعلام التقليدي فشل في التكيف مع العصر الرقمي، ظل حبيس الخطاب الرسمي والمحتوى الجاف، بينما كان الناس يبحثون عن البساطة، القرب، والجرعة اليومية من الترفيه. وهنا وجدوا ضالتهم في المؤثرين، الذين لا يضعون حواجز بينهم وبين متابعيهم.بينما المؤثر يستطيع أن يحقق في ساعات قليلة ما قد لا تحققه قناة تلفزيونية في أسبوع. منشور بسيط قد يصل إلى ملايين الأشخاص، وبكلفة أقل بكثير من إنتاج إعلان تقليدي. لذلك، لم يكن غريباً أن تتحول كبريات الماركات العالمية إلى المؤثرين، وتضع ثقتها فيهم للترويج لمنتجاتها.

فالمشكلة تكمن في طبيعة هذا المحتوى. أغلبه قائم على “التفاهة” والاستعراض، وهو ما يرضي جمهوراً واسعاً لا يبحث إلا عن الترفيه السريع. هنا يصبح السؤال: هل نحن أمام تأثير حقيقي يبني وعياً ويصنع فرقاً، أم أننا أمام استهلاك يومي للسطحية؟

لا شك أن المؤثرين أصبحوا واقعاً لا مفر منه، لكن لا يمكن أن نعتبرهم بديلاً كاملاً عن الإعلام. هناك قضايا مجتمعية وسياسية وثقافية تحتاج إلى عمق وتحليل ورصانة، وهذه لا يمكن لمؤثر أن يقدمها في بضع ثوانٍ. المطلوب اليوم ليس محاربة المؤثرين، بل خلق توازن: محتوى سريع وجذاب يوازيه إعلام رصين يعيد للجمهور ثقته ومعرفته



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى