
إفريقيا تطالب بتصحيح خريطتها
هبة بريس- الرباط
في خطوة غير مسبوقة، أطلق الاتحاد الإفريقي حملة تهدف إلى تصحيح الخريطة التقليدية للعالم، التي ظلت لقرون تعرض صورة مشوهة لقارة إفريقيا. الهدف من الحملة هو استعادة الأبعاد الحقيقية لإفريقيا وتصحيح الخطأ التاريخي الذي طالما ظل يرافق فهمنا الجغرافي للعالم.
لطالما قدمت الخرائط التقليدية صورة غير دقيقة عن حجم إفريقيا، مقارنة بالقارات الأخرى،فعلى سبيل المثال، في خريطة مركاتور الشهيرة، تظهر جزيرة غرينلاند بحجم مشابه لحجم الصين، بينما تظهر روسيا عملاقًا بجانب إفريقيا.
ولكن الحقيقة أن إفريقيا أكبر من غرينلاند بـ 14 مرة، وأن روسيا ليست بهذا الحجم الضخم عندما نأخذ المسافات الحقيقية بعين الاعتبار.
إفريقيا، التي تضم أكثر من 1.3 مليار نسمة، تعرضت طوال تاريخها لهذه التشوهات البصرية في الخرائط، مما خلق انطباعًا زائفًا عن القارة وجعلها تظهر كأنها صغيرة وغير ذات أهمية مقارنة ببقية العالم. هذا الإسقاط الجغرافي الذي يعود إلى عام 1599 كان قد صُمم في الأصل لأغراض الملاحة، ولكنه أصبح مع مرور الوقت أداة تُستخدم في المدارس والتطبيقات، حتى أنه رسخ في أذهان الكثيرين فكرة أن إفريقيا ليست إلا منطقة هامشية في خريطة العالم.
اليوم، تطالب حركة “صححوا الخريطة” بتبني إسقاط جديد يعرف باسم “الإسقاط المتساوي المساحات”، الذي يعكس الحجم الحقيقي للقارات، هذا الإسقاط، الذي تم تطويره في عام 2018، يبرز حقيقة أن إفريقيا يمكن أن تحتوي على أمريكا الشمالية والصين والهند وأجزاء كبيرة من أوروبا، فهذه الحقيقة البصرية تساعد في تصحيح المفاهيم المغلوطة التي نشأت على مر العصور بسبب الإسقاطات القديمة.
العديد من المؤسسات العالمية بدأت بالفعل في التحرك نحو تصحيح هذا الخطأ، على سبيل المثال، خرائط جوجل قد بدأت في استخدام الخرائط ثلاثية الأبعاد منذ عام 2018، ورغم أن إسقاط مركاتور لا يزال هو الافتراضي في التطبيق، فإن الاتجاه العام هو نحو استخدام الإسقاطات الأكثر دقة، كما اعتمد البنك الدولي ووكالات الفضاء، مثل ناسا، الإسقاط المتساوي المساحات في خرائطهم.
توقيت هذه الحملة مهم جدًا، حيث تأتي في وقت تزايد فيه الدعوات للعدالة التاريخية، وخصوصًا المطالبة بالتعويضات عن فترة الاستعمار. اليوم، حوالي 65% من سكان إفريقيا هم دون سن الـ 35، مما يجعل من تصحيح هذه الخريطة جزءًا من عملية بناء هوية جديدة للأجيال الشابة التي نشأت تحت وطأة هذه الصور المشوهة.
في المستقبل، يهدف الاتحاد الإفريقي إلى فرض هذه الخريطة الجديدة في الأمم المتحدة، وهو مطلب قيد الدراسة حاليًا. رغم أن القرار قد يتأخر، إلا أن الحملة قد بدأت بالفعل، ومعها بدأت إفريقيا تفرض على العالم كيفية تمثيل نفسها بشكل صحيح على الورق.
إن تغيير الخريطة هو أكثر من مجرد تصحيح علمي. إنه خطوة نحو تصحيح الفهم العالمي لإفريقيا كقارة ضخمة ومهمة، وليس مجرد مساحة صغيرة على أطراف الخريطة.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X