قيس سعيد يصعد ضد اتحاد الشغل ويشعل أزمة سياسية بتونس

صعّد الرئيس التونسي قيس سعيّد من لهجته ضد الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر منظمة نقابية في البلاد، في مواجهة سياسية ونقابية مفتوحة تهدد بمزيد من الاحتقان الاجتماعي وتآكل ما تبقى من الهامش الديمقراطي في تونس. ويرى مراقبون أن استهداف الاتحاد، بعد الأحزاب والجمعيات، يندرج ضمن مسار يهدف إلى تفكيك الأجسام الوسيطة وإضعاف الفضاء المدني.

واندلعت شرارة الأزمة عقب مظاهرة نظمت أمام مقر الاتحاد بالعاصمة رفعت شعارات تتهم قياداته بالفساد، في أعقاب إضراب استمر ثلاثة أيام بقطاع النقل. وبينما وصفت قيادة الاتحاد المتظاهرين بأنهم “أنصار الرئيس”، خرج سعيّد بخطاب غاضب نافياً نية الاقتحام، لكنه شدد على أن “القانون يُطبّق على الجميع ولا حصانة لأحد”، في إشارة اعتبرها النقابيون تهديداً مباشراً باستهدافهم.

ولم يتأخر رد الاتحاد، إذ عقد هيئته التنفيذية بشكل عاجل، وأكد أمينه العام نور الدين الطبوبي أن النقابيين “لن يقبلوا بتكميم الأفواه”، معلناً عن مسيرة وطنية وإمكانية اللجوء إلى الإضراب العام. خطوة اعتبرها كثيرون رسالة قوية مفادها أن الاتحاد لن يسمح بتحويله إلى كبش فداء لأزمات البلاد الاقتصادية والاجتماعية.

وتزامن هذا التصعيد مع قرار حكومي يقضي بإلغاء التفرغ النقابي، وهو ما أثار انتقادات واسعة من منظمات حقوقية وسياسية اعتبرت الخطوة محاولة لتجفيف منابع التعبير الحر وضرب العمل النقابي المستقل. ويأتي ذلك في سياق ملاحقات وتوقيفات مست عدداً من المعارضين والحقوقيين والصحافيين منذ 2022، في مشهد يعكس تراجعاً مقلقاً في مؤشرات الحريات.

ويرى محللون أن مواجهة سعيّد للاتحاد تعكس سياسة “توسيع جبهة الأعداء وتقليص الأصدقاء”، محذرين من أن “معركة كسر العظم” بين الطرفين قد تدفع البلاد نحو مزيد من التوتر والعزلة. ورغم خلافاته الداخلية، يبقى اتحاد الشغل بقدرته التاريخية على التعبئة رقماً صعباً في المعادلة التونسية، وأحد آخر الحصون التي تحول دون انهيار المسار الديمقراطي.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى