
تاونات تختنق عطشًا.. ومطالب شعبية برحيل رئيس المجلس الإقليمي
هبة بريس – تاونات
في ظل الجفاف الحاد الذي يضرب عدداً من مناطق المملكة، يواجه إقليم تاونات أزمة عطش خانقة ألقت بظلالها الثقيلة على الحياة اليومية لآلاف المواطنين، لاسيما في الجماعات القروية التي أصبحت تعيش على وقع العطش، وسط صمت مطبق من الجهات المنتخبة وتراخي مؤسسات التدبير المحلي.
وتفيد شهادات متطابقة من ساكنة الإقليم بأن عدداً من الدواوير تعيش وضعاً مأساوياً بسبب الانقطاع المستمر للماء الصالح للشرب، حيث يضطر السكان إلى قطع مسافات طويلة نحو عيون بعيدة أو انتظار وصول صهاريج متنقلة، غالباً ما تكون غير منتظمة، ولا تكفي لتلبية الحاجيات اليومية الأساسية.
في المقابل، تتصاعد موجة الغضب الشعبي ضد رئيس المجلس الإقليمي، الذي بات يواجه اتهامات مباشرة بـ”سوء التسيير، الغياب عن الميدان، وضعف التواصل”، في وقت يُنتظر من المجلس الإقليمي أن يلعب دورًا محوريًا في تدبير الأزمات والتنمية المحلية، لاسيما في مثل هذه الظروف المناخية الصعبة.
وتتهم فعاليات محلية الرئيس بـ”الانفصال عن هموم السكان”، مشيرة إلى أنه “يعيش خارج الإقليم ويتنقل بسيارة الدولة، دون أن يُبدي أي مبادرة ملموسة أو حلول واقعية لتدارك الخصاص المهول في الماء أو لفك العزلة عن الدواوير المهمشة”، فيما بات يُتداول في الأوساط الشعبية شعار: “الرئيس كيعجبو يتصور مع العامل”، في إشارة إلى غياب الاستقلالية وضعف المبادرة لدى مؤسسة المجلس.
وفي خضم هذا المشهد المرتبك، علمت “هبة بريس” من مصادر من المنطقة أن الوزير السابق محمد عبو يدرس العودة إلى المشهد السياسي بالإقليم، بعد تلقيه دعوات من عدد من أبناء المنطقة لإعادة الترشح، في ظل ما يُوصف بـ”الفراغ السياسي والجمود التنموي”، الذي جعل الكثيرين يتطلعون إلى وجوه سياسية قادرة على إعادة توجيه البوصلة.
ذات المصادر تشير إلى أن عبو كان له دور سابق في بروز عدد من الوجوه السياسية محلياً، من بينها رئيس المجلس الإقليمي الحالي، وكذا رشيد الفايق، المعتقل حالياً على خلفية ملفات فساد، في علاقات سياسية تتشابك اليوم مع تحولات ميدانية تفرض مراجعة جذرية لمسار التنمية بالإقليم.
وتعيد عودة اسم محمد عبو المحتملة ترتيب الأوراق الحزبية بتاونات، خاصة مع التراجع الملحوظ في شعبية المنتخبين الحاليين، الذين يُتهمون بالعجز عن مجاراة التحديات التنموية الحقيقية، والاكتفاء بخطابات تبريرية تزيد من حدة الاستياء العام.
ومع تواصل الأزمة، بدأ مطلب رحيل رئيس المجلس الإقليمي يُطرح بشكل صريح في بيانات فاعلين جمعويين وتصريحات مواطنين، يرون في “اللامبالاة والتخلي عن المسؤولية في لحظة حساسة” جريمة في حق ساكنة تُصارع العطش والتهميش يوميًا.
وفي هذا السياق، تُسجل عدة أصوات إشادتها بعامل إقليم تاونات، الذي يُعرف وسط المتتبعين بــجديته وتفانيه في العمل وبخصاله الطيبة، مقابل غياب واضح للمنتخبين المحليين الذين وُصفوا بأنهم “خارج التغطية” ولا يهمهم سوى الدفاع عن مصالحهم الضيقة، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى انسجام مؤسسات القرار المحلي في مواجهة أزمات مصيرية.
ويُطالب المواطنون بتدخل عاجل من الجهات المركزية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، لفتح تحقيق شفاف في طريقة تدبير المجلس الإقليمي للملفات الحيوية، وعلى رأسها الحق في الماء، الذي يُعد حقًا دستوريًا مهددًا في ظل التحولات المناخية والتراجع الحاد في الموارد المائية.
ورغم التحذيرات الرسمية المتكررة بشأن خطر الإجهاد المائي، لا تزال صرخة العطش في تاونات تتردد في الفراغ، دون إجراءات ملموسة، ما يعيد إلى الأذهان أزمات مشابهة عرفتها أقاليم أخرى لم تُفتح فيها أبواب الحل إلا تحت ضغط الاحتجاجات.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X