
منحدر “أمسكرود” بأكادير.. 15 سنة من الموت الصامت
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
بعد مرور 15 عامًا على افتتاح الطريق السيار الرابط بين مراكش وأكادير، ما يزال منحدر “أمسكرود” يمثل كابوسًا مرعبًا لسائقي المركبات، خاصة منهم سائقي الشاحنات الثقيلة، ورغم الحصيلة الثقيلة لحوادث دامية تكررت بشكل مخيف على هذا المقطع الطرقي، كان اخرها حادث اليوم الخميس 17 يوليوز ، الذي خلف قتيل وجريح وخسائر مادية جسيمة بعد تصادم شاحنتين لنقل البضائع ، لا تزال الجهات المسؤولة تلوذ بالصمت، دون أن تتخذ أي إجراءات ملموسة لإنهاء معاناة مرتادي الطريق.
– منحدر قاتل بصيغة الإهمال
المقطع الممتد بين محطة الأداء “أمسكرود” ومبدل “أركانة”، والبالغ طوله حوالي 14 كيلومترًا، يشكل أحد أكثر المسارات خطورة على امتداد شبكة الطرق السيارة في المغرب، وذلك بانحدار يبلغ 5%، مما بات معه هذا الطريق يفرض تحديات يومية على السائقين، ويُحوّل كل رحلة إلى مغامرة محفوفة بالموت.
شاحنات الوزن الثقيل تجد نفسها مجبرة على النزول بسرعات لا تتعدى أحيانًا 30 كيلومترًا في الساعة، وسط طريق يُفترض أن تكون سرعته القانونية 120 كيلومترًا، ما يتسبب في اضطراب حركة المرور ويضاعف من احتمالات وقوع اصطدامات مأساوية، وفي الاتجاه المعاكس، يصبح المنحدر بمثابة مصيدة قاتلة للفرامل، مما يدفع كثيرًا من السائقين إلى البحث عن بدائل أقل خطورة، مثل اللجوء للطريق الوطنية رقم 8 لتفادي هذا القسم من الطريق السيار.
– أرواح تتساقط.. والجهات الوصية في سبات
في كل مرة يقع فيها حادث مروع، تتصدر الصور عناوين الأخبار، منها شاحنات مقلوبة، سيارات محطمة، وأسر مكلومة، ومع ذلك، تكتفي الجهات المعنية بإصدار بلاغات المواساة، دون تقديم أي رؤية إصلاحية جذرية، وعلى امتداد تعاقب وزراء التجهيز والنقل ومدراء طرق السيار بالمغرب ، لم يتم بعد وضع أي خطة عملية للتعامل مع هذه المعضلة المستمرة، ما يطرح تساؤلات حقيقية حول أولوية السلامة الطرقية في سياسات الدولة.
– أكثر من مجرد عيب هندسي
الحديث عن “أخطاء تقنية” صاحبت بناء الطريق لم يعد كافيًا لتبرير الصمت، فبعد 15 سنة من التكرار المأساوي لنفس السيناريو، أصبح من الواضح أن القضية تتجاوز خللًا هندسيًا إلى إهمال مؤسساتي مزمن. فالاستمرار في تجاهل هذا المنحدر القاتل لا يمكن إلا أن يُقرأ كاستهانة صارخة بأرواح المواطنين.
– مطالب بالتحقيق وإعادة التهيئة
في ظل هذا الوضع، تتعالى دعوات من هيئات مدنية وحقوقية لفتح تحقيق شامل حول ظروف تصميم هذا المقطع، ومساءلة كل الجهات التي ساهمت في التساهل مع مخاطره، كما أن هناك حاجة ملحة لإعادة تهيئة هذا الجزء من الطريق، سواء من خلال اعتماد تقنيات تخفيف الانحدار أو وضع آليات سلامة جديدة، مثل ممرات هروب الطوارئ الخاصة بالشاحنات أو تعزيز الإشارات التحذيرية.
– إلى متى سيستمر النزيف؟
بعد 15 سنة من افتتاح هذا الطريق، أصبح واضحًا أن “أمسكرود” ليس مجرد نقطة سوداء، بل رمز لإخفاقات مزمنة في تدبير السلامة الطرقية، فهل يتحرك المسؤولون قبل أن تحصد هذه المسافة القصيرة أرواحًا جديدة، أم أن الطريق إلى أكادير سيبقى مرادفًا للطريق إلى المجهول.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X