
عندما هللت إيران لقصف العراق.. اليوم تتذوق من الكأس ذاته
أظهرت إيران مجدداً تناقضاً صارخاً في مواقفها السياسية والأمنية، بعد أن استنكرت بشدة القصف الإسرائيلي الذي استهدف منشآت داخل أراضيها، في الوقت الذي سبق لها أن رحّبت علناً بقصف مماثل استهدف مفاعل تموز النووي العراقي عام 1981.
ففي ثمانينيات القرن الماضي، اعتبرت طهران الهجوم الإسرائيلي على العراق حينها “ضربة وقائية” ضد ما وصفته بـ”النظام البعثي العدائي”، بل إن مسؤولين إيرانيين عبّروا عن ارتياحهم حينها لتدمير المشروع النووي العراقي. غير أن موقف إيران اليوم تغيّر جذرياً، بعد أن أصبحت هي نفسها في مرمى القصف الإسرائيلي، بذريعة منعها من تطوير برنامج نووي يُشتبه في طبيعته العسكرية.
وفي كلمة ألقاها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عقب العملية الأخيرة، أكد أن إسرائيل “لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح نووي”، في موقف لم يكن مفاجئاً، بل نتيجة لتحذيرات طالما كررها منذ سنوات على منابر دولية، بما في ذلك الأمم المتحدة.
ورغم نفي إيران المتكرر أن يكون برنامجها النووي موجهاً لأغراض عسكرية، إلا أن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية كشفت مراراً عن خروقات واضحة لالتزامات طهران في إطار اتفاقيات حظر الانتشار النووي، وهو ما دفع العديد من العواصم إلى التعبير عن قلقها المتزايد من الطموحات النووية للجمهورية الإسلامية.
لكن التناقض في المواقف الإيرانية لا يقف عند حدود الملف النووي. فعلى مستوى السياسات الإقليمية، تواجه طهران اتهامات متزايدة بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية، ودعمها لحركات انفصالية ومسلحة. ويُعد دعمها المستمر لجبهة البوليساريو مثالاً صارخاً على هذا التدخل.
فقد كشفت تقارير استخباراتية ودبلوماسية عن تورط إيران، عبر ميليشيا “حزب الله” اللبناني، في تدريب وتسليح عناصر من البوليساريو، في إطار مشروع لزعزعة استقرار المملكة المغربية وضرب وحدتها الترابية. وأدى هذا الدعم إلى أزمة دبلوماسية مع المغرب، الذي قطع علاقاته بطهران احتجاجاً على ما وصفه بـ”تحالف بين إيران والانفصاليين”.
ويتساءل مراقبون: كيف لإيران أن تشتكي من استهداف سيادتها بينما تنتهك سيادات دول أخرى عبر دعم المرتزقة وتمويل الفوضى؟ وهل يستقيم أن تُدين العدوان على أراضيها بينما تُباركه في أراضي الغير؟.
وفي ظل هذا السياق المتوتر، يبدو أن إيران تدفع اليوم ثمن سياسات توسعية لم تُراعِ مبدأ احترام السيادة، كما أن استثمارها في حركات انفصالية، واستغلالها للميليشيات العابرة للحدود، باتا يعودان عليها بردود فعل قاسية إقليمياً ودولياً.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X