
جامعة ابن زهر..هل هي بداية نهاية مجانية التعليم العالي في المغرب؟
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
في خطوة أثارت الجدل وأدت إلى حالة من التوتر في صفوف الأساتذة والطلاب على حد سواء، تسعى إدارة جامعة ابن زهر بأكادير إلى تمرير مشروع “التدريس بالتوقيت الميسر”، الذي يهدد بتغيير جذري في النظام التعليمي بالجامعة العمومية. ما بدأ كاقتراح لتنظيم ساعات العمل وفق نظام مرن، يبدو اليوم كخطوة نحو تفكيك مجانيّة التعليم وفتح الباب أمام خوصصة الجامعات المغربية.
– خلفيات المشروع: أزمة التدريس والتوقيت الميسر
كان مشروع التدريس بالتوقيت الميسر قد تم رفضه في وقت سابق من طرف الأساتذة الجامعيين في يونيو 2021، وذلك بعد أن قوبل بمعارضة شديدة من الهيئات النقابية والأساتذة الباحثين الذين اعتبروا أن هذا النظام ليس سوى غلاف قانوني للتمهيد لخوصصة التعليم العالي، المشروع الذي عاد إلى الواجهة هذا الصيف، يسعى إلى تقديم التعليم الجامعي في صيغة مختلطة، تجمع بين الدروس النظامية والساعات المدفوعة من خلال “التكوين المستمر”، وهو ما يجعل الجامعة في النهاية مؤسسة هجينة تجمع بين التعليم المجاني والمدفوع ورغم هذا الرفض، يبدو أن إدارة جامعة ابن زهربقيادة الرئيس بالنيابة، عازمة على المضي قدمًا في تنفيذ المشروع.
وقد تمت المصادقة على رسوم جديدة للتسجيل في هذا النظام، والتي تتراوح بين 6000 درهم للسلك الإجازة و17500 درهم للسلك الماستر في العلوم والتقنيات، ما يعكس تحولًا جذريًا في مفهوم المجانية التي لطالما كانت السمة الأساسية للتعليم العالي في المغرب.
– الخيارات البديلة: الأساتذة والنقابات في مواجهة القرار
ما يزيد من تعقيد الوضع هو صمت النقابات الوطنية للتعليم العالي، التي يُفترض أن تكون الحارس الأمين للمبادئ الأساسية للتعليم العمومي. في الوقت الذي يطالب فيه الأساتذة والباحثون بوقف هذه الإصلاحات، لا يزال الوزير الميداوي يدفع في اتجاه تنفيذ التعديلات التي يعارضها غالبية الأساتذة، في حين أن النقابات التعليمية الأكثر تمثيلًا قد أكدت في مناسبات سابقة أن هناك ضرورة ماسة لتخفيض عدد ساعات العمل وزيادة التعويضات قبل التفكير في إجراء أي إصلاحات تمس جوهر التعليم الجامعي.
– التوقيت الميسر: الخطر القادم على المجانية
القلق الكبير الذي يعبر عنه الأساتذة والطلاب يتجسد في حقيقة أن التعليم بالتوقيت الميسر يمثل خطوة نحو إلغاء مجانية التعليم، وهو ما قد يفتح الطريق أمام الجامعة المغربية لتحول إلى مؤسسات خاصة تُميز بين الطلبة بناءً على قدرتهم المالية لا على أساس كفاءاتهم الأكاديمية. إذا ما استمر الاتجاه نحو التمويل الذاتي وتوفير خدمات التعليم المدفوعة، فإن الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة ستجد نفسها خارج دائرة التعليم العالي.
قد لا تكون التعديلات التي يتم فرضها في وقت متأخر من الصيف هي فقط المسألة، بل أن منطق السوق الذي يُدخل إلى الجامعة العمومية قد يكون الضربة القاضية للهدف الأسمى الذي أنشئت من أجله هذه المؤسسات: إتاحة التعليم العالي لكافة أبناء الشعب، بغض النظر عن وضعهم الاجتماعي والاقتصادي.
– مواقف الجهات المعنية: صمت النقابة وازدواجية الإدارة
إزاء هذه التطورات، يظل السؤال المحوري: أين هي مواقف الأجهزة النقابية؟، التي يفترض أن تتبنى خطًا واضحًا في الدفاع عن المجانية والعدالة الاجتماعية في التعليم. هل ستلتزم النقابات الصمت، أم ستقف بوجه هذا المشروع الذي قد يُفقد التعليم العمومي جوهره ويجعله محكومًا لمقاييس السوق؟.
لا شك أن المرحلة المقبلة ستكون حاسمة في مستقبل التعليم العالي في المغرب، إذ يتوقف عليها تحديد ما إذا كانت الجامعات المغربية ستظل محافظّة على طابعها العمومي والمجاني أم أنها ستتحول إلى مؤسسات تعليمية تُباع وتشترى وفقًا للقدرة المالية، مما يجعل العدالة الاجتماعية في التعليم على المحك.
ان ما يحدث اليوم في جامعة ابن زهر ليس مجرد إصلاح إداري أو تنظيمي، بل هو جزء من أجندة أكبر قد تؤدي إلى تغييرات هيكلية في النظام التعليمي المغربي، تبقى الساعات القادمة حاسمة في تحديد ما إذا كانت الجامعة المغربية ستظل صامدة أمام رياح الخوصصة، أم أنها ستنضم إلى قائمة المؤسسات التي تتحول إلى سوق
جامعة ابن زهر: هل هي بداية نهاية مجانية التعليم العالي في المغرب.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X