
الجزائر تُرحّل أكثر من 16 ألف مهاجر إفريقي إلى صحراء الموت بالنيجر
هبة بريس
أفادت صحيفة لوفيغارو الفرنسية، في تحقيق صادم، بحدوث تصعيد خطير في سياسات الترحيل التي تنتهجها السلطات الجزائرية، والتي استهدفت خلال شهري أبريل وماي الماضيين أكثر من 16 ألف مهاجر من دول إفريقيا جنوب الصحراء.
مهاجرون دون ماء وطعام
هؤلاء المهاجرون تُركوا في منطقة قاحلة على الحدود مع النيجر، دون طعام أو ماء، وتحت لهيب حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية، في ظروف لا يمكن وصفها إلا بـ”اللاإنسانية”.
ووصف التحقيق هذه العمليات بأنها تتم بـ”هدوء إجرامي”، بعيدًا عن أعين الإعلام، وسط صمت رسمي تام، في مشهد يعكس احتقارًا صارخًا للكرامة الإنسانية، وتواطؤًا فاضحًا من منظمات إقليمية ودولية اختارت غضّ الطرف، رغم أن بعض المرحّلين يلقون حتفهم في عمق الصحراء الجزائرية.
وقد حذّرت منظمات غير حكومية، من بينها “ألارم فون الصحراء” و”شبكة المغرب-الساحل للهجرة”، من خطورة ما يجري، ووصفت هذه الترحيلات بأنها “مداهمات وحشية” تُنفذ بسرية تامة، حيث يُعتقل المهاجرون بشكل جماعي ليُرمى بهم في العراء دون أي حماية أو دعم.
وقد صرّح والي منطقة أغاديس، الجنرال إبراهيم بولما عيسى، بأن بلاده تواجه “موجة غير مسبوقة” من الترحيلات القسرية القادمة من الجزائر، مشيرًا إلى أن مراكز منظمة الهجرة الدولية في بلدة أسماماكا أصبحت تعاني من اكتظاظ شديد.
قمع الجزائر للمهاجرين الأفارقة
ونقل التحقيق عن موقع InfoMigrants أن عدد المرحّلين خلال شهري مارس وأبريل فقط بلغ 16 ألف شخص، وهو رقم يعادل إجمالي عدد المرحّلين خلال نصف عام كامل في 2023، ما يشير إلى تصعيد غير مسبوق في سياسة القمع التي تنتهجها الدولة الجزائرية ضد المهاجرين ذوي البشرة السوداء.
وعلى الرغم من توقيع الجزائر على اتفاقية اللاجئين، فإنها لا تمتلك أي إطار قانوني لتنظيم طلبات اللجوء أو إقامة اللاجئين، ما يضع هؤلاء في حالة قانونية هشّة ويعرّضهم للاستغلال والعمل القسري، خاصة في مواقع البناء بمدينة وهران، بحسب ما أكّده الصحافي الجزائري داود إمولاين.
وأشار السفير الفرنسي السابق لدى الجزائر، كزافيي دريانكور، إلى أنه شاهد بأمّ عينه قوافل حافلات تنقل المهاجرين الأفارقة نحو الجنوب، تحت حراسة مشددة من الدرك الجزائري.
ويُصرّ الإعلام الرسمي الجزائري على تجاهل هذا الملف كليًا، لا سيما أن الجيش هو الجهة المشرفة على تنفيذ هذه العمليات، ما يجعل القضية من “المحرمات” داخل البلاد.
بشاعة الانتهاكات
ومع ذلك، بدأت بعض الصور والفيديوهات المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تكشف عن بشاعة هذه الانتهاكات، من بينها مقطع يظهر مطاردة مهاجر في نهر من قبل الدرك، وآخر يُوثق اعتداء على مهاجرين في تمنراست.
وفي الوقت الذي يرفض فيه النظام الجزائري استقبال مواطنيه المرحّلين من أوروبا، بذريعة حماية “حقوقهم”، فإنه يمارس أبشع أشكال الترحيل القسري ضد مهاجرين عزّل داخل حدوده، في ظل غياب تام لأي رقابة أو محاسبة من الاتحاد الإفريقي أو تجمعات إقليمية مثل “الإيكواس” ودول وسط إفريقيا.
وتواجه المنظمات الدولية بدورها عراقيل حقيقية في التعامل مع هذا الملف داخل الجزائر، إذ لم تتمكن الوكالة الفرنسية للهجرة والاندماج حتى الآن من فتح مكتب لها في البلاد، بعكس ما هو حاصل في تونس والمغرب.
وقال مدير الوكالة، ديدييه ليشي، بصراحة: “الجزائر تتعمد إخفاء انتهاكاتها، وتُخضع الصحافة المحلية للرقابة، ومع ذلك لا تخجل من تقديم دروس للعالم في مجال حقوق الإنسان”.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X