الاستعمال العشوائي للأعشاب يهدد صحة المغاربة

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

في ظل ارتفاع كلفة العلاج الطبي وصعوبة الولوج إلى الخدمات الصحية في بعض المناطق، يتزايد لجوء عدد كبير من المغاربة إلى التداوي بالأعشاب، وهو ما بات يثير قلق المهنيين في قطاع الصحة، خاصة في ظل الاستعمال العشوائي وغير المؤطر لهذه المواد الطبيعية التي تحمل في ظاهرها الشفاء، وفي باطنها مخاطر صحية قد تصل إلى الوفاة.

– إرث شعبي يفتقر للتأطير العلمي

لطالما شكلت الأعشاب الطبية جزءًا من الموروث الثقافي للمجتمع المغربي، حيث توارثت الأجيال وصفات تقليدية يُعتقد أنها تُعالج مختلف الأمراض، من اضطرابات المعدة والسكري، إلى مشاكل الجلد وتساقط الشعر وغيرها من الأمراض حتى المستعصية عن العلاج الطبي الحديث ، غير أن هذا الاعتماد المفرط على “الدواء الأخضر” يتم غالبًا دون استشارة طبية أو معرفة دقيقة بخصائص الأعشاب، وطرق تحضيرها، والجرعات المناسبة، مما يحولها من علاج إلى سمّ قاتل.

– تزايد الحالات المسجلة في المستشفيات

تشير تقارير وزارة الصحة المغربية إلى تزايد الحالات التي تصل إلى أقسام المستعجلات نتيجة التسممات الناتجة عن الاستعمال الخاطئ أو المفرط للأعشاب، خاصة تلك التي تحتوي على مركبات سامة مثل “الحنظل” أو “الداد”، كما سجل المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية ارتفاعًا في عدد الحالات المرتبطة بالتداوي بالأعشاب، حيث تُسجّل سنويًا عشرات الوفيات، معظمها بسبب خلط الأعشاب بمواد كيميائية، أو تناولها بالتوازي مع أدوية طبية مما يؤدي إلى تفاعلات خطيرة.

– سوق غير مراقب وترويج مضلل

ويزداد الوضع تعقيدًا مع انتشار باعة الأعشاب غير المرخصين، خاصة في الأسواق الشعبية، حيث تُعرض خلطات مجهولة المصدر تُروج على أنها “دواء لكل داء”، دون أي إشراف طبي أو صيدلي،الكثير منها بات يروج لصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي ، ويستغل بعض هؤلاء جهل المستهلك بالتركيبة الحقيقية للمنتج، ويستعينون بخطاب ديني وشعبي لكسب الثقة، مما يُساهم في تضليل المرضى ودفعهم للتخلي عن العلاج العلمي.

– الخبراء يدقون ناقوس الخطر

يحذر الأطباء والصيادلة من استمرار هذا الوضع، ويشددون على أن التداوي بالأعشاب يمكن أن يكون فعالًا إذا خضع لتأطير علمي ورقابة صارمة، ويطالبون بضرورة تسريع إصدار قانون خاص بتنظيم قطاع التداوي بالأعشاب، إلى جانب توعية المواطنين بمخاطر الاستخدام العشوائي، وتشجيع البحث العلمي في مجال الطب البديل والتكميلي.

– الحل في التوازن والرقابة

إن حماية صحة المغاربة تقتضي إعادة النظر في طريقة التعامل مع الأعشاب الطبية، فبين ثنايا هذا الموروث الشعبي، تكمن فوائد يمكن استثمارها ضمن مقاربة علمية، غير أن الطريق إلى ذلك يمر عبر مكافحة الترويج العشوائي، وتنظيم المهنة، وتعزيز المراقبة الصحية، لأن الوقاية تظل دومًا خيرًا من العلاج.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى