
الإتحاد الأوروبي: الجزائر متهمة بتمويل الإرهاب في دول الساحل الإفريقي
سعيد الحارثي – مدريد
في خطوة تُنذر بتوترات دبلوماسية محتملة، أعلن الاتحاد الأوروبي إدراج الجزائر في قائمته للدول “عالية المخاطر” فيما يخص مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
القرار الأوروبي لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة مراجعة دقيقة أُجريت بالتنسيق مع مجموعة العمل المالي (FATF)، التي تتخذ من باريس مقرًا لها، وتُعنى بتقييم مدى التزام الدول بالمعايير الدولية لمكافحة الجرائم المالية.
التحفظ الأوروبي على الجزائر لا يقتصر على ضعف الرقابة المصرفية فحسب، بل يرتبط أساسًا بمخاوف متزايدة من تورط شبكات مالية داخل الجزائر في تمويل جماعات مسلحة ونشاطات مشبوهة، خاصة في منطقة الساحل والصحراء الكبرى، حيث تشهد التنظيمات الإرهابية نشاطًا متصاعدًا.
تقارير أوروبية استخباراتية أكدت في السنوات الأخيرة وجود ثغرات خطيرة في الرقابة على التحويلات المالية داخل الجزائر، ما يفتح المجال أمام استغلال النظام المالي في تمويل جماعات مثل القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتنظيمات انفصالية مسلّحة في محيط الجزائر، بعضها يُشتبه في تلقيه دعماً لوجستيًا غير مباشر من مؤسسات تعمل تحت غطاء العمل الإنساني أو الجمعوي.
إدراج الجزائر في هذه القائمة يعني أن جميع المعاملات المالية القادمة من الجزائر أو الموجهة إليها ستخضع لرقابة أوروبية مشددة، سواء من حيث المصدر، أو الجهات المستفيدة، أو القنوات المصرفية المستخدمة. ويُعد ذلك ضربة لسمعة الجزائر المالية والاستثمارية، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى استقطاب رؤوس أموال أجنبية لمواجهة أزماتها الاقتصادية.
القرار الأوروبي يعكس تزايد القلق من دعم الجزائر المحتمل أو تغاضيها عن تمويل أنشطة متطرفة، خصوصًا في ظل التوترات المتصاعدة بينها وبين بعض جيرانها، ومحاولاتها توظيف حركات متمردة لتحقيق أهداف جيوسياسية.
في هذا السياق، يرى مراقبون أن الاتحاد الأوروبي يسعى للضغط على الجزائر من خلال الأدوات المالية، لدفعها نحو ضبط بيئتها التنظيمية ومراجعة علاقتها ببعض الشبكات التي يشتبه بارتباطها بالإرهاب.
بينما تنفي الجزائر بشكل دائم أي علاقة لها بتمويل الإرهاب، فإن إدراجها في القائمة الأوروبية يمثل إدانة ضمنية من المجتمع الدولي، ويضع سلطاتها أمام تحدٍّ حقيقي لإثبات جديتها في مكافحة الإرهاب المالي، ليس فقط عبر التصريحات، بل من خلال إصلاحات قانونية ومصرفية جذرية. فالمرحلة القادمة قد تكون حاسمة في تحديد ما إذا كانت الجزائر قادرة على إعادة بناء الثقة مع شركائها الأوروبيين، أم ستبقى رهينة للشكوك والعزلة المالية المتزايدة
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X