اشكاليات مياه الشرب بإقليم اشتوكة آيت باها تجمع السلطات بالمنتخبين

هبة بريس – عبد اللطيف بركة

اجتمعت اللجنة الإقليمية للماء بإقليم اشتوكة آيت باها، قيل يومين، في لقاء موسع ضمّ السلطات الإقليمية وممثلي المؤسسات العمومية والمنتخبين، لمناقشة سبل تجاوز أزمة الماء الصالح للشرب التي باتت تؤرق ساكنة الإقليم، لاسيما في المناطق الجبلية التي تعاني من إجهاد مائي متزايد نتيجة توالي سنوات الجفاف وتراجع الموارد المائية السطحية والجوفية.

في مستهل الاجتماع، استعرض عامل الإقليم، محمد سالم الصبتي، محاور السياسة الوطنية في تدبير الموارد المائية، مسلطاً الضوء على البرامج الاستراتيجية التي تم إطلاقها، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية، لضمان الأمن المائي وتعزيز القدرة على مواجهة التحديات المناخية، خصوصاً في الجهات المتضررة كجهة سوس ماسة. وأكد الصبتي على أهمية المشاريع المهيكلة الجارية، والتي تروم ضمان تزويد مستدام للماء الصالح للشرب.

وشكل اللقاء مناسبة لعرض تشخيص مفصل للوضعية المائية بالإقليم، قدمه ممثلو وكالة الحوض المائي لسوس ماسة، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والشركة الجهوية للتوزيع، بالإضافة إلى المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي، وتناول العرض التراجع المقلق في الموارد المائية ومظاهر الإجهاد التي تهدد تزويد جماعات الإقليم بالماء، ما استدعى التركيز على ضرورة تسريع إنجاز المشاريع الكبرى.

– مشاريع استعجالية ومهيكلة قيد الإنجاز

تم التأكيد خلال الاجتماع على أهمية الحلول الاستباقية والاستعجالية التي تم الشروع فيها، من قبيل إحداث وتجهيز أثقاب مائية جديدة بعدد من الجماعات القروية، وإدماجها في منظومة الإنتاج المحلي، إلى جانب مشاريع ضخمة لتقوية تزويد الجماعات الجبلية انطلاقاً من سد أهل سوس، والرفع من الطاقة الاستيعابية لمحطة معالجة المياه، في إطار استثمارات ضخمة تؤكد التزام الدولة بحل الأزمة.

ومن بين أبرز محاور النقاش، الاعتماد على الموارد المائية غير التقليدية، حيث تم التذكير بأهمية محطة تحلية مياه البحر بأكادير، التي أصبحت تلعب دوراً محورياً في تأمين التزويد بالماء لعدد من الجماعات، من بينها سيدي بيبي، بيوكرى، وآيت عميرة. كما تم التشديد على ضرورة الإسراع بربط الجماعات الجبلية بهذه المحطة كحل جذري لمعضلة العطش.

– التدبير الفلاحي ومطلب ترشيد المياه

من جهته، أبرز المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي بسوس ماسة الجهود المبذولة للمحافظة على موقع الإقليم في الإنتاج الفلاحي، خصوصاً في قطاع البواكر، رغم الضغط المائي الكبير. وتمت الدعوة إلى عقلنة استعمال الموارد المائية، والحفاظ على المياه الجوفية، إلى جانب تعزيز برامج المحافظة على المخزون المائي الزراعي.

– مرافعة قوية حول “الحق في الماء”

ومن بين أبرز لحظات اللقاء، كانت مداخلة النائب البرلماني أحمد بومكوك، الذي وضع قضية “الحق في الماء” في صلب النقاش، موجهاً انتقاداً واضحاً للمساطر الإدارية التي تعيق حفر الآبار، وخاصة شرط “شهادة الملكية” الذي يُقصي سكان المناطق الجبلية من حقهم المشروع في الوصول إلى الماء.

وأكد بومكوك أن سكان هذه المناطق يعيشون على أراضٍ توارثوها منذ أجيال، دون أن يتوفروا على رسوم عقارية، ما يجعل من شرط الملكية عائقاً كبيراً، رغم أنه إجراء قانوني في ظاهره. وطالب بتبسيط هذه الإجراءات دون المساس بالقانون، وبما يراعي خصوصيات البنية السوسيو-قانونية للمنطقة، محذراً من أن استمرار الوضع الحالي قد يفرز ظلماً اجتماعياً ويقوّض الاستقرار المجتمعي.

– تنسيق جماعي وتعبئة متعددة الأطراف

عرف الاجتماع مشاركة فعالة لممثلي عدد من المؤسسات والهيئات، من بينها مجلس جهة سوس ماسة، ووكالة تنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، حيث تم استعراض مساهماتهم في تمويل وإخراج مشاريع مرتبطة بتزويد الماء، خصوصاً بالمناطق القروية. كما تم التنويه بدور جمعيات المجتمع المدني في تدبير الموارد المائية محلياً.

في ختام اللقاء، شددت جميع الأطراف على ضرورة رفع وتيرة التنسيق، وتسريع إخراج المشاريع المبرمجة، خاصة السدود التلية والنقط المائية الجديدة، لمواجهة ضغط الطلب وتحديات الإجهاد المائي، مع الدعوة إلى يقظة جماعية لمواجهة تداعيات الأزمة المائية ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية، وتوفير حق الساكنة في الماء كحق أساسي غير قابل للتأجيل.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى