ابنة بوعلام صنصال: “والدي يواجه إعداماً بطيئاً في سجون النظام الجزائري”

ما زالت تداعيات الحكم الجائر ضد الكاتب الفرنسي – الجزائري بوعلام صنصال تتصدر واجهة الأحداث، بعد أن قضت محكمة تابعة للنظام الجزائري بسجنه خمس سنوات نافذة بذريعة “المساس بالوحدة الوطنية”، في خطوة وُصفت بأنها إعدام غير معلن في حق مثقف ثمانيني يواجه وضعاً صحياً بالغ الخطورة.

ابنته سبيحة، وخلال حوارها مع قناة BFMTV الفرنسية، اعتبرت الحكم “قتلاً بطيئاً لوالدها”، مؤكدة أنها لا تعلم شيئاً عن وضعه داخل المعتقل، وأنها راسلت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتدخل العاجل لإنقاذه، محذرة من أن استمرار اعتقاله في هذه الظروف لا يندرج في إطار العدالة بل يدخل في باب تصفية حسابات سياسية.

قضية صنصال انفجرت إثر مشاركته في برنامج حواري على قناة Frontières الفرنسية في أكتوبر 2024، حين ذكّر بمعطيات تاريخية حول خريطة شمال إفريقيا زمن الاستعمار، مؤكداً أن مناطق واسعة من الغرب الجزائري كانت أصلاً تابعة للمغرب قبل أن تضمها فرنسا قسراً إلى الجزائر.

كما شدّد على أن الصحراء المغربية كانت على الدوام جزءاً من المملكة، وهو ما انسجم مع الموقف الفرنسي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي، قبل أن تتحول تصريحاته إلى ذريعة استعملتها السلطات الجزائرية لشيطنته وفتح ملف سياسي خطير ضده. فقد أوقف صنصال في مطار هواري بومدين بتاريخ 16 نونبر 2024، ليتابع بسلسلة من التهم الثقيلة مثل “المساس بالوحدة الوطنية”، و”التخابر مع فرنسا”، و”التشكيك في سيادة الجزائر وتاريخها”.

ورغم معاناته من مرض السرطان وتدهور حالته الصحية داخل المعتقل، لم تتورع النيابة العامة في مارس 2025 عن المطالبة بمضاعفة العقوبة إلى عشر سنوات سجناً، متذرعة بما وصفته بـ”أدلة رقمية” واهية.

أما محاميه الفرنسي فرانسوا زيمراي، فقد مُنع من دخول الجزائر، ليضطر إلى طرق أبواب الأمم المتحدة، مندداً بانعدام شروط المحاكمة العادلة. وفي يونيو الماضي، جاء الحكم الاستئنافي ليؤكد العقوبة بخمس سنوات نافذة وغرامة مالية، في تحدٍّ صارخ لكل نداءات الإنصاف.

ردود الفعل الدولية لم تتأخر: الرئيس الفرنسي ماكرون عبّر عن قلقه العميق، فيما وصفت الخارجية الفرنسية الاعتقال بأنه “غير مبرر”.

وكان مفوض الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، دعا إلى الإفراج الفوري عنه محذراً من خطورة هذه المحاكمة على حرية التعبير. أما المنظمات الحقوقية كـ”هيومن رايتس ووتش” و”العفو الدولية”، فاعتبرت القضية دليلاً على تسييس القضاء الجزائري.

وتحولت قضية صنصال داخل فرنسا إلى ملف سياسي وثقافي ثقيل الوطأة، حيث وجهت شخصيات أدبية وأكاديمية رسائل مفتوحة إلى الإليزيه مطالبة بالتحرك العاجل. أزمة تجاوزت بعدها الحقوقي لتلقي بظلالها على العلاقات الفرنسية – الجزائرية التي ازدادت توتراً، خصوصاً بعد قرار باريس تعليق امتيازات التأشيرات لحاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية.



قراءة الخبر من المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى