
أكادير.. قطاع سيارات الأجرة بين الفضائح المتتالية وغياب الرقابة من يوقف العبث؟
هبة بريس – عبد اللطيف بركة
يعيش قطاع سيارات الأجرة بصنفيه، الكبير والصغير، بمدينة أكادير حالة من الفوضى والانفلات الخطير الذي ينذر بتداعيات اجتماعية وأمنية، ويطرح علامات استفهام كبرى حول من يتحمل مسؤولية ما يحدث، ومن يتحرك فعلياً لإعادة الاعتبار لمهنة من المفترض أن تكون واجهة حضارية للمدينة.
في أقل من أسبوع، إهتز الرأي العام المحلي على وقع فضيحتين خطيرتين، تداولهما المواطنون ووسائل التواصل الاجتماعي بكثير من الغضب والاستياء.
أولى هذه الوقائع تمثلت في شريط مصور يُظهر سائق سيارة أجرة من الصنف الكبير وهو يعنف سيدتين بشكل همجي في الشارع العام، في مشهد لا يمت لا للأخلاق ولا للمهنية بصلة، بل يعكس حالة الانفلات التي باتت تميز هذا القطاع.
أما الحادثة الثانية، فلم تكن أقل خطورة، بل أثارت موجة استنكار محلية وقد تصبح دولية، بعدما قامت سائتين أجنبيتين بتوثيق لحظة تعرضهن للاحتيال من طرف سائق سيارة أجرة صغيرة، حاول إخفاء مبلغ 200 درهم أسفل إطار السيارة مدعياً أنه لم يتلق أي مبلغ منهن، قبل أن تفضحه الكاميرا التي وضعتها السائحتان كدليل على ما جرى.
ورغم أن هاتين الواقعتين قد تكونان قمة جبل الجليد، إلا أن ما يعيشه القطاع يتجاوز ذلك بكثير، فشكاوى المواطنين والسياح على حد سواء تتحدث عن مظاهر انحراف متواصلة، من ترويج المخدرات إلى تقديم خدمات مشبوهة، ومن استغلال الزبناء، خاصة النساء، إلى انتهاك قوانين صرف العملة، حيث يعمد بعض السائقين إلى تلقي مبالغ بالعملة الصعبة خارج الضوابط القانونية، في تحدٍّ سافر لقوانين مكتب الصرف.
الواقع الذي يعيشه قطاع سيارات الأجرة بأكادير اليوم، لم يعد فقط مشكلة مهنية تتعلق بسوء تدبير أو نقص في التأطير، بل تحوّل إلى مسألة تتطلب تدخلاً حاسماً من السلطات المعنية، على رأسها الجماعة الترابية، عمالة أكادير، والولاية الأمنية، بالإضافة إلى المصالح المختصة في النقل، من أجل وضع حد لهذا الانزلاق الخطير.
إن ما يحدث اليوم يُسائل بشكل مباشر دور النقابات المهنية التي من المفترض أن تسهر على تقويم أداء السائقين والدفاع عن مصالحهم بشكل مسؤول، كما يطرح تساؤلات حقيقية حول مدى فعالية المراقبة الطرقية، ودور شرطة السياحة، ومدى جاهزية المدينة لتقديم صورة حضارية تستقطب الزوار وتحترم حقوق الساكنة، علما اننا بصدد استقبال تظاهرات كبرى مستقبلا.
لقد آن الأوان لإعادة هيكلة هذا القطاع بما يضمن احترام القانون، وصون كرامة المواطنين، ويُعلي من شأن السائقين المهنيين النزهاء الذين يؤدون مهامهم بكل تفانٍ، أما أولئك الذين حولوا سيارات الأجرة إلى وسيلة للإجرام والاحتيال، فإن مكانهم الطبيعي هو خارج هذا القطاع، بل أمام العدالة.
العبث الذي نراه اليوم في شوارع أكادير ليس قدراً، بل نتيجة مباشرة لسنوات من التساهل والإفلات من المحاسبة، وإذا استمر الصمت، فإن القادم قد يكون أخطر، وستدفع المدينة ثمن تهاونها في صيانة صورة واحدة من أبرز واجهاتها المجتمعية وهو قطاع النقل العمومي.
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram
تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X